روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | أعاصــير الإنترنت

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > أعاصــير الإنترنت


  أعاصــير الإنترنت
     عدد مرات المشاهدة: 1928        عدد مرات الإرسال: 0

كُتب كثيراً عن الإستغراق في الدردشة الإلكترونية حيث الكلمة، فالصورة، فالموعد، فاللقاء، فالفراق، فخيبة الأمل، فالصدمة العاطفية، أو الزواج السريع غير المستقر، أو سرقة الأزواج وهدم الأسر التي كانت مستقرة، لكن هذه السطور تحول الغوص أكثر في محاولة فهم العوامل التي تمهد للإنزلاق وراء المحادثات الجنسية، وزيارة المواقع الإباحية، ورصد أعاصير الإنترنت، والآثار النفسية والأسرية جراء تلك الممارسات الخطيرة.

من بعد منتصف الليل وإلى آذان الفجر، أعتاد أن ينسحب خلسة متسللاً من سرير نومه، فيجلس في ظلمة تامة إلا من ضوء شاشة حاسوبه، بكبسة زر إعتاد الدخول إلى مواقع الدردشة الشات، حيث العناوين الالكترونية لفتيات - نساء، ليمارس معهن الجنس عبر الإنترنت، فإن مل ذلك إنتقل لمشاهدة المواقع الإباحية، كان مهووساً - مدمناً لهذه الممارسات والمشاهدات، تسلية - جنون جعله يبتعد عن نفسه واقعه ودراسته وعمله ووظيفته وزوجته وأولاده، أصبح لا يشعر بشيء بعمق ما يربطه بزوجته، أو مسئولياته العاطفية والأسرية نحو فلذات كبده، كل همه أخر كل مساء أن يواعد بعضهن ليمارس تلكم الأفعال الشائنة عبر كاميرا الجهاز، ومرات عدة ضبطته زوجته أو وأولاده متلبساً بتلك الأفعال الفاضحة، فهجروه، وأصبحت حياته الزوجية والأسرية خاوية على عروشها، كطلاق صامت، خواء نفسي، جفاف عاطفي وأسري، ولكن الزوجة قررت أن تبقى معه، فالمجتمع لا يرحم المطلقة، أما الأولاد فلكلٍ عالمه الخاص، داخل هذا المنزل.

عبر الحاسوب الذي اشتراه لها زوجها رشوة، لكي لا تشعر بالملل أو الفتور أثناء غيابه وإنشغاله الطويل بالعمل أو الأصدقاء أو علاقات الإنترنت، بدأت بالدردشة في إحدى غرف الإنترنت، ووصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك، كان متنفس الزوجة - الأم هو الشكوى لذلك الرجل الثعلب الماكر، الذي أوصلها بحفظه لصورها الشائنة إلى مكان اللاعودة.

¤ ماذا تؤكد الدراسات؟

وجد باحثون في جامعتي ستانفورد ودوكوسين أن مائتي ألف شخص على الأقل في الولايات المتحدة يدمنون زيارة المواقع الإباحية وغرف الدردشة الجنسية، وأن هؤلاء المدمنين يعانون من مشاكل متعلقة بالعلاقات العاطفية، وأمور أعمالهم، كما أشارت دراسة في جامعة فلوريدا أن أعداداً متزايدة من المتزوجين يدخلون إلى غرف الدردشة على شبكة الإنترنت من أجل الإثارة الجنسية، ورغبة في قتل الشعور بالملل، وقالت الباحثة يباتريس مايلهام التي قامت بالدراسة: إن الإنترنت ستصبح أكثر الطرق شيوعاً للخيانة الزوجية ولتدمير العلاقات الأسرية.

واكتشفت الباحثة أن أغلب من التقتهم قالوا: إنهم يحبون أزواجهم، غير أن السرية التي توفرها الإنترنت تتيح مجالاً لهؤلاء الذين يسعون لعلاقات مثيرة وسهلة، وسريعة، وعابرة، ومتغيرة، بلا أية التزامات، وتعوض قلة علاقاتهم الحميمية مع زوجاتهم الحاضرات، الغائبات، المشغولات بأمور أخرى.

ثمة إجماع بحثي، نفسي وأسري وإجتماعي، تقوم به معاهد متخصصة تؤكد على أن: "الذين يدمنون المحادثات الجنسية، ومشاهدة المواقع الإباحية، يظهر لديهم، مقارنة بغيرهم من الأسوياء، عزلةً وانسحاباً أسرياً وإجتماعياً، وقلقاً وتوتراً نفسياً قد يصل إلى أعراض إكتئابية، وهناك بعض الأبحاث التي أكدت على أن الرجال الذين يمارسون العلاقات الحميمة عبر الإنترنت قبل الزواج، تبقى في ذاكرتهم تلك العلاقات، ولا يستطيعون التعايش مع حياة جنسية طبيعية مع زوجاتهم، لأنهم إعتادوا على ذلك عبر كاميرا جهازهم، الأمر الذي يخلق لديهم خللاً نفسياً، وميولاً غير سوية.

كما أن هذه الممارسات تشكل مدخلاً للوقوع في علاقات أفحش، قد تنتهي بالإيدز أو الأمراض الجنسية الخطيرة، وفي حال قام أحد الطرفين بإقامة مثل تلك الممارسات، فإنها تنعكس سلباً على العلاقات الأسرية فتصبح مفككة، كما تصبح العلاقة الزوجية علاقة عدائية عنيفة تكسوها الإتهامات كوسيلة للتفريغ النفسي، بينما يدفع الأبناء الثمن.

كما وجدت دراسة في جامعة Heriot Watt الإسكتلندية، أن كثرة مشاهدة الأفلام الرومانسية، ومقاييس الزينة الجسدية، قد تدفعهم -مقارنة ومبالغة- في توقع المزيد من الإيجابيات غير الواقعية في علاقتهم الزوجية، مما قد لا يكون متاحاً فيدب الشقاق والنفور والتدمير الأسري، ففي العلاقات الزوجية، يقارن أزواج وزوجات بين ما يطرح عبر شاشات التلفزة والسينما وغيرهما وبين واقعهم، فيشكو أزواج من فقدان العلاقة المثالية التي يشاهدونها.. فنياً وفضائياً وخائلياً.. من تمازج وتفاهم حتى بالإشارة أو الإيماءة، فضلاً عن الكلمة والفعل والعواطف.

¤ النجاة.. النجـــاة:

يقول تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون} [النور:30]، وخاطب النساء بالمقابل فقال جل شانه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:31]، ويقول تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32]، ويحذر سبحانه وتعالى في موضع آخر من كتابه الحكيم: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151].

إن سبل سعادة الدنيا والآخرة.. نفسياً وأسرياً وإجتماعياً هي في إتباع نهج هذا الدين العظيم دين الإسلام، وفي تطبيق تعاليمه.. قرآناً وسنة مطهرة، أمراً ونهياً، وقاية واجتناباً: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].

الكاتب: ناصر أحمد سنه.

المصدر: موقع المختار الإسلامي.